قسم الكتاب المقدس
تابع سلسلة الردود على الشبهات ضد الكتاب المقدس
(1) الإعتراضات على سفر التكوين و الرد عليها الجزء الثاني
ســـؤال 18 :
قال الله مخاطباً نوح وأولاده في تكوين 9: 3 كل دابة حية تكون لكم طعاماً كالعشب الأخضر , مع أن الشريعة الموسوية حرمت حيوانات كثيرة ، منها الخنزير كما في لاويين 11 وتثنية 14 ؟
الـــــرد عليه :
المراد بقوله: كل دابة حية كل الحيوانات
الطاهرة التي أمره أن يُدخل منها إلى الفلك سبعة سبعة ذكراً وأنثى (تكوين 7: 2) , ولم
يأمره الله بالإكثار من الحيوانات الطاهرة إلا للأكل وتقديم الذبائح، فإنه ورد في تكوين
8: 20 : وبنى نوح مذبحاً للرب ، وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد
محرقات على المذبح , فكان نوح يعرف البهائم الطاهرة من غير الطاهرة .
وحتى إذا صرفنا النظر عن هذه القرائن لقلنا:
إن المراد بلفظة كل هنا بعض كما في كليات أبي البقاء, قال : قد يكون كل للتكثير والمبالغة
دون الإحاطة وكمال التعميم .
ســـؤال 19 :
جاء في تكوين 9: 20-27 أن نوحاً لما أراد أن يلعن ابنه حام ، لعن حفيده كنعان بن حام وقال : ملعون كنعان ! عبد العبيد يكون لإخوته (آية 25) , فلماذا يتحمَّل الابن وزر أبيه ، مع أن التثنية 24 : 16 تقول إن الابن لا يناله العقاب بسبب أبيه ؟ وهل توافق التوارة على أن الأخ يستعبد أخاه ؟
الـــــرد عليه :
لا يوجد ما يدل على أن لعن كنعان جاء نتيجة
خطية أبيه حام ، فقد جاءت اللعنة نتيجة خطأ كنعان نفسه ، وهو خطأ نراه في آية 24 التي
تقول : علم (نوح) ما فعل به ابنه الأصغر , والابن الأصغر لنوح هو يافث , ولما كان نوح
هنا لا يقصد يافث فيكون قصده أصغر فرد في العائلة ، وهو كنعان ، وهكذا لا يكون كنعان
قد تحمّل وزر أبيه ، بل تحمّل وزر نفسه .
ثم أن نوحاً كنبي استطاع بروح النبوَّة أن يرى
الاتجاهات الروحية لأولاده وأحفاده ، فقال ما قاله من بركة ولعنة وهو يرى بالروح ما سيفعلونه ,
فلم يتحمل كنعان وزر خطية أبيه حام .
أما من جهة العبودية ، فقد كان هناك نوع من الاستخدام
الرفيق من الإسرائيلي للإسرائيلي ، حسب وصية لاويين 25: 46 أما إخوتكم بنو إسرائيل فلا
يتسلّط إنسان على أخيه بعنف , كما يأمر خروج 21: 16 بقتل من يسرق إنساناً ليبيعه أو
ليحتفظ به كرهينة, ويقول إشعياء إنالعبادة التي يقبلها الرب هي إطلاق المسحوقين أحراراً
وقطع كل نير (58: 6) .
ســـؤال 20 :
جاء في التكوين 11 : 5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما , وتكررت نفس الفكرة في تكوين 18: 20 ، 21 , فكيف ينزل الله ؟
الـــــرد عليه :
كان بُناة برج بابل ، وكذا أهل سدوم أردياء ،
وأبعد ما يكون عن مراحم الله ، فكان الله بعيداً عنهم جداً ، فأخذ الله سيف العدالة و
نزل إلى دائرة مشاعرهم بطريقة مخيفة ، ليعاقبهم , وقال علماء اليهود إن الله نزل من عرش
رحمته إلى عرش قضائه ، لأن الرحمة أعلى من القضاء ,
وهذا تعبير إنساني يشرح لنا تدخُّل الله ليفعل
ما يريد في دنيا البشر .
ســـؤال 21 :
جاء في تكوين 11: 26 وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران , وجاء في 11 : 32 وكانت أيام تارح 205 سنين , ومات تارح في حاران , وجاء في 12: 4 فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط , وكان أبرام ابن 75 سنة لما خرج من حاران , وجاء في أعمال الرسل 7: 4 فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران ، ومن هناك نقله بعد ما مات أبوه إلى هذه الأرض التي أنتم ساكنون فيها , وهذه الآيات متناقضة ، لأنه إن كان تارح ابن 70 سنة لما ولد إبراهيم ، ومات وعمره 205 سنة، فتكون سن إبراهيم عند موت أبيه 135 سنة , وإن كان قد ترك حاران عند موت أبيه فلا بد إذاً أن عمره كان 135 سنة عند وصوله إلى أرض الموعد , وهذا بحسب الظاهر يناقض ما جاء في تكوين 12: 4 حيث يقال إن عمر إبراهيم كان 75 سنة لما خرج من حاران ؟
الـــــرد عليه :
(1) هذا الاستنتاج يستند على مجرد زعم
لا يقتضيه النص وهو أن إبراهيم كان بكر أبيه ووُلد في سنة السبعين من عمر أبيه , صحيح
أن تك 11: 26 يقول : وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران وهنا يذكر إبراهيم
أولًا ، ربما لأنه البكر، وربما أيضاً لأن إبراهيم أهم أولاد تارح ، وهذا يكفي لذكره
أولًا , فإذا قلنا (وهذا جائز) إن إبراهيم كان أصغر أولاد أبيه ، وإنه وُلد لما كان عمر
أبيه 130 سنة ، فيكون عمره عند موت أبيه 75 سنة , وبناء عليه يكون تكوين 12: 4 وأعمال
7: 4 متفقين كل الاتفاق .
(2) وهناك وجهٌ آخر للمطابقة بين هذين الفصلين
وهو أيضاً يلاشي الصعوبة : من المحتمل أن استفانوس لم يقصد من كلامه أن يدوّن بالترتيب
الحوادث التاريخية في تاريخ إبراهيم البكر، ولكنه يراعي في ذكرها الترتيب الوارد في
سفر التكوين ، بصرف النظر عن التتابع التاريخي ، لأن استفانوس في أعمال 7: 4 لم يكن غرضه
أن يدوّن أحداث حياة إبراهيم بالترتيب ، بل أن يذكر فقط الحوادث المهمة الواردة عنه ,
وهذا الحل لا يتعارض مع الحل المتقدم , وإذا قبلناه لا نجد تناقضاً بين ما جاء في التكوين
وما ورد في سفر الأعمال .
ســـؤال 22 :
جاء في التكوين 12: 1_5 أن الله دعا إبراهيم وهو في حاران ، بينما يقول أعمال الرسل 7 : 2_4 إن الله دعاه قبل أن يجيء إلى حاران ؟
الـــــرد عليه :
الذي يفتش عن الأخطاء يختلقها , لقد وجَّه
الله الدعوة لإبراهيم ليذهب لأرض الميعاد قبل أن يجيء إلى حاران , ولما وصل إلى حاران
أقام فيها ، فعاد الله يدعوه من جديد ليتابع السَفَر إلى حيث دعاه أولًا ، وكانت المدة
بين الدعوة الأولى والثانية خمس سنوات .
ســـؤال 23 :
ورد في تكوين 12: 6 : وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وكذلك ورد في تكوين 13: 7 : وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض , فهاتان الآيتان ليستا من كلام موسى بل هما ملحقتان ؟
الـــــرد عليه :
ما هو الدليل على أنهما ليستا من كلام
موسى ؟ فهل هما تنافيان حقيقة تاريخية ، أو هل هما تنافيان صفات الله وكمالاته ؟ أو هلَّا
توجد مناسبة بينهما وبين العبارات السابقة ؟
إن كلام الله منزّه عن ذلك ، ففي تكوين 12 قال
موسى إن ابرام ولوطاً تغربا من وطنهما وقصدا أرض كنعان (ا ية 4) ، ثم ذكر أن أبرام سافر
إلى شكيم وكان الكنعانيون حينئذ في تلك البلاد , ففي آية 5 أفاد أن أبرام سافر إلى أرض
كنعان وفي آية 6 قال إن الكنعانيين كانوا موجودين في تلك الجهة، وكذلك قال في تكوين
13: 7 فإن الكتاب أفادنا أن الأرض لم تسع لوطاً وابراهيم لكثرة مواشيهما، ومما زاد
الأمر صعوبة وجود الكنعانيين والفرزيين في تلك البلاد .
ســـؤال 24 :
جاء في التكوين 12: 11_13 أن إبراهيم طلب من زوجته سارة أن تقول إنها أخته ليكون لي خير بسببك، وتحيا نفسي من أجلك , ألا يدفع ذِكر هذه الحادثة القارئ على تقليد إبراهيم وارتكاب الكذب ؟
الـــــرد عليه :
لو كان موسى (كاتب سفر التكوين) مدفوعاً
بتفكيره الشخصي لحذَفَ هذه القصة التي تُخجل جده الأكبر , ولكن ذِكرها دليل على أن روح
الله هو الذي ساقه ليسجّلها .
أما هدف الروح القدس من تسجيلها فهو أن يرينا
أن كل البشر خطاؤون لأنه لا فرق ، إذ الجميع أخطأوا ,, متبررين مجاناً بنعمته بالفداء
الذي بالمسيح , وليس هناك إنسان كامل إلا المسيح , وهذا يكشف لنا محبة الله التي ترحّب
بالخاطئ الراجع إلى الله ، كما يشجّعنا على التوبة ، فلا توجد خطية مهما عظمت تحرمنا
من رحمة الله عند التوبة عنها .
ومن المؤسف أن خطية إبراهيم هذه تكررت من ولده
إسحق مع زوجته رفقة , كما كان يعقوب حفيد إبراهيم مخادعاً حتى توَّبه الله إليه, وهذا
يكشف لنا شناعة الخطية .
وقد حاول البعض أن يدافعوا عن خطية إبراهيم بقولهم
إنها كذبة بيضاء، فقد كانت سارة أختاً غير شقيقة لإبراهيم , وهذا صحيح أنها أخته غير
الشقيقة, لكن الوحي المقدس يدين الكذب كله أبيضه وأسوده، وقد سجَّل لنا هذه الكذبة
البيضاء على أنها خطية تستحق الإدانة .
ســـؤال 25 :
ورد في التكوين 13: 16 وأجعل نسلك كتراب الأرض، حتى إذا استطاع أحد أن يعد تراب الأرض نسلك أيضاً يُعَد , وفي 22 : 17 وأكثِّر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر , وأولاده لم يبلغ مقدار عددهم رطل رمل في الدنيا في وقت من الأوقات، فضلًا عن مقدار رمل شاطىء البحر ورمل الأرض ؟
الـــــرد عليه :
لما كانت غاية الله أن يفهمنا الحقائق ،
خاطبنا بلغتنا المعروفة عندنا , وقد أنجز الله وعده ، فنسل إبراهيم هم العرب واليهود ,
كما أن نسل إبراهيم المؤمن ، هم الذين يؤمنون إيمانه ، وقد صار عددهم لا يُحصى ، ولا سيما
أن المسيح الذي تباركت فيه قبائل الأرض هو من نسل إبراهيم , فما أكثر نسل إبراهيم الجسدي ،
وما أكثر نسله الروحي !
ســـؤال 26 :
ورد في التكوين 13: 18 و35: 27 و37: 14 لفظة حبرون ، وهو اسم قرية كان اسمها في سالف الزمان قرية أربع , وادّعى المعترض أن بني إسرائيل بعدما فتحوا فلسطين في عهد يشوع غيّروا هذا الاسم إلى حبرون (يشوع 14: 15), فيكون ما ورد في سفر التكوين كلام شخصٍ عاش بعد هذا الفتح، فهو إذاً ليس من كلام موسى ؟
الـــــرد عليه :
كان يُطلق على تلك القرية اسم حبرون (بمعنى
تحالف) قبل موسى بأجيال ، بسبب التحالف الذي أبرمه إبراهيم مع الأموريين , وكان هذا الاسم
شائعاً في عصر يعقوب (قبل موسى بمدة طويلة) والدليل على ذلك أنه ورد في تكوين 37:
14 أن يعقوب أرسل يوسف من وطاء حبرون وورد في عدد 13: 22 : وأما حبرون فبُنيت قبل صوعن
مصر بسبع سنين , فدعاها موسى حبرون لأن هذا هو اسمها قبل عصره بأجيال , وكانت تسمى أيضاً
قرية أربع لأنها كانت مسكن أربعة من العمالقة الجبابرة , ولم يقل في سفر يشوع 14:
15 إنه لما استولى بنو إسرائيل عليها سمّوها حبرون ، وغيّروا اسمها الأصلي الذي هو قرية
أربع ، بل قال اسم حبرون قبلًا قرية أربع , ويُفهم من هذه العبارة أن بني إسرائيل أطلقوا
عليها الاسم القديم وهو حبرون الذي كانت تُسمّى به وقت إبراهيم .
ســـؤال 27 :
ورد في التكوين 14 : 14 لفظة دان مع أنها اسم بلدة عُمِّرت في عهد القضاة ، فإنه بعد موت يشوع فتح بنو إسرائيل في عهد القضاة مدينة لايش وسموها باسم دان ، كما في القضاة 18 : 29 ؟
الـــــرد عليه :
دان الواردة في تكوين 14: 14 هي بلد غير
المذكور في سفر القضاة 18: 29 ، وهي أقدم من لايش المذكورة في سفر القضاة ، والدليل
على قدمها هو أن كلمة أردن مؤلفة من كلمتي أور أي نهر، و دان أي القضاء , فاطلقت لفظ
دان على الجهة المذكورة في تكوين 14: 14 وفي تثنية 34: 1 , أي أن موسى استعملها في
محال كثيرة , أما لايش التي استولى عليها سبط دان وسماها باسم أبيهم فهي غير تلك الجهة .
ســـؤال 28 :
جاء في تكوين 14: 14 أن لوطاً هو أخو إبراهيم ، بينما جاء في تكوين 14 : 12 إنه ابن أخيه ! ؟
الـــــرد عليه :
كلمة أخ لها معنى أوسع من المعنى الحرفي، فالأخ
هو القريب روحياً أو جسدياً (قارن العدد 40: 14 وراعوث 4: 13).
إن لوطاً هو ابن أخ إبراهيم (تكوين 11: 31) ولكن
لما حدث الهجوم على لوط أسرع إبراهيم في تقديم العون له لأنه أخوه أي قريبه .
ســـؤال 29 :
ورد في تكوين 15: 13 فقال (الرب) لأبرام : اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستعبَدون لهم، فيذلونهم 400 سنة , وورد في الخروج 12 : 40 وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت 430 سنة , فبين الآيتين اختلاف ، فإما سقط من الأولى لفظ 30 ، وإما زيد في الثانية ؟
الـــــرد عليه :
لا زيادة ولا نقصان ولا اختلاف ولا تناقض ، فالنبي في سفر التكوين أخذ في الاعتبار زمن وعد الله لإبراهيم أن يرزقه بابن هو اسحق , ومن وقت مولد إسحق إلى خروج بني إسرائيل من مصر 400 سنة , أما في سفر الخروج فأخذ النبي في الاعتبار وقت تغرُّب إبراهيم من وطنه طاعةً لأمر الله ، وهي مدة 430 سنة, فاختلاف المدة لاختلاف الاعتبارات ,
فمن دعوة إبراهيم (أعمال 7: 2) إلى انتقاله من حاران (تكوين 12: 5) 5 سنين , ومدة إقامته في كنعان قبل مولد إسحق (تكوين 21: 5) 25 سنة , ولغاية مولد يعقوب (تكوين 25: 25 و26) 60 سنة، ولغاية المهاجرة إلى مصر (تك 46: 2 و3 و 47: 28) 130 سنة, ومدة إقامة بني إسرائيل في مصر 210 سنوات , فمجموع هذه السنين 430 سنة , فإذا طرحنا منها مدة الخمس السنين التي أقامها إبراهيم في حاران والخمس والعشرين سنة لغاية مولد إسحق كان الباقي 400 سنة كما في تك 15: 13 ,
وقال الرسول بولس في غلاطية 3: 17 إنه من الوعد الذي وعد الله به إبراهيم كما في سفر التكوين 12: 1_5 إلى إعطاء الشريعة هو 430 سنة .
وإذا قيل : كيف ورد في سفر الخروج أن إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة ؟
قلنا : في ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط ، يُكتفى بأحدهما عن الآخر , وقد ورد في القرآن قوله : سرابيل تقيكم الحر أي والبرد ، وخصّ الحرّ بالذكر لأن الخطاب للعرب وبلادهم حارة ، والوقاية عندهم من الحرّ أهمّ لأنه أشد عندهم من البرد , والمقصود من الآية الوادرة في التوراة هو إقامة بني إسرائيل في مصر وفي كنعان أيضاً ، والدليل على ذلك قول الرسول بولس إن ابراهيم وذريته أقاموا في أرض الموعد كأنهم في أرض غريبة (عبرانيين 11: 9) أي أنهم تغربوا في أرض كنعان .
وإذا قيل : لماذا اقتصر على ذكر مصر؟
قلنا : لأنها كانت مظهر آيات الله ومراحمه على بني إسرائيل ، فقاسوا فيها الذل والعبودية وسامهم فيها المصريون سوء العذاب ، فأنقذهم الله من ذلك بعجائبه الباهرة فرأوا في مصر حرجاً وفرجاً ويسراً وعسراً وعجائب تذهل العقول ، بحيث أن تغرّبهم في أرض كنعان لم يكن شيئاً يُذكر بالنسبة إلى إقامتهم في أرض مصر , فاقتصر على ذكر مصر تنبيهاً لهم على مراحم الله التي لا تُستقصى , والمترجم في الترجمة السامرية واليونانية أدرج في أثناء ترجمته خروج 12: 40 لفظة كنعان و آباؤهم من باب الشرح ، فقال: وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها (وآباؤهم) في مصر و(كنعان) فكانت 400 سنة , ولكن الأصل العبري موجود على أصله بدون زيادة ولا نقصان .
ســـؤال 30 :
ورد في تكوين 17: 8 وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك ، كل أرض كنعان ملكاً أبدياً ، وأكون إلههم , هذا خطأ ، لأن جميع أرض كنعان لم تُعط لإبراهيم قط ، وكذا لم تُعط لنسله مدة إلى الدهر، ولم يقع في الأراضي الأخرى مثل الانقلابات التي وقعت في هذه الأرض ، ومضت مدة مديدة وقد زالت الحكومة الإسرائيلية عنها ؟
الـــــرد عليه :
(1)
جاءت هذه النبوة عندما كان إبراهيم بلا ذرية ، وهذا شرط مهم في صحتها، فوعد الله إبراهيم
أن يكون له ولذريته إلهاً ، ويكثر نسله ويباركهم بالبركات الأرضية ، فيعطيهم أرض كنعان
ملكاً لهم إلى الأبد , وقد تمم الله وعده فنمت ذريته (خروج 1: 7 ، 9 ، 12 وعدد 23
: 10 وتثنية 1 : 10 و11) وأعطاهم أرض كنعان وأذل أعداءهم وفضّلهم على العالمين , ولكن
لما انحرفوا عن شريعته ولم يتخذوه إلهاً لهم ، أذلهم وأزال ملكهم لأن الرب اشترط دوام
بركاته عليهم بأمانتهم لعهده , إن الله أمين مع البشر ، غير أن الناس هم المتمردون
, فلو أبقاهم وهم في حالة العصيان والشر والطغيان لكان ذلك منافياً لقداسته ، والقرآن
شاهد بأن المولى فضلهم على العالمين وفي محل آخر قال : ضربت عليهم الذلة والمسكنة .
وقد تمَّت هذه النبوات بنوع غريب ( أنظر سفر
العدد 22 وتثنية 2 ويشوع 3) فتمتع بنو إسرائيل بهذه الأرض نحو ألف سنة , ولما قضى الله
على سبطي يهوذا وبنيامين بالسبي ، أعلن أن ذلك يكون لمدة سبعين سنة , وتم ذلك فعلًا
, ولما رفضوا المسيا وصلبوه ، حكم عليهم بسبي أعظم ابتدأ على يد تيطس الروماني , شلمنأصر
سبى العشرة أسباط، وتيطس سبى سبطي يهوذا وبنيامين .
(2) لم يعط الله الأرض لإبراهيم شخصياً ، بل
أعطاها له باعتباره مؤسس الأمة الإسرائيلية ونائبها ، فأُعطيت له الأرض بصفته مؤتَمناً
عليها , فهو المخاطب والمراد ذرّيته ، فكان ما تمتلكه ذريته بمنزلة امتلاكه هو ,
ووجوه المخاطبات في القرآن كثيرة ، منها خطاب
العين والمراد به الغير , كقوله : يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين (الأحزاب
33: 1) , فقالوا إن الخطاب له والمراد أمته .
(3) قد يراد بقوله : أعطيك هذه الأرض إلى الأبد
الإشارة إلى النعيم في السماء ، لأن أرض كنعان كانت تشير إليه ، فورد في عبرانيين
11: 8 و9: بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد كأنها أرض غريبة ، ساكناً في خيام مع اسحق
ويعقوب الوارثَيْن معه لهذا الموعد عينه ، لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات
التي صانعها وبارئها الله .
ســـؤال 31 :
جاء في تكوين 17 : 20 وأما اسماعيل فقد سمعتُ لك فيه , ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً , اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة , وقوله : اثني عشر رئيساً يلد نبوة عن الاثني عشر إماماً ؟
الـــــرد عليه :
جاء
في تكوين 25: 13_16 إن هذا الوعد قد تم ، وولد اسماعيل 12 رئيساً ، وذُكرت أسماؤهم
, وبعدهم قيل : هؤلاء هم بنو إسماعيل وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم ، اثنا عشر رئيساً
حسب قبائلهم .
ســـؤال 32 :
هناك تناقض بين تكوين 18 : 17 حيث يقول إن الرب ظهر لإبراهيم، وبين عبرانيين 13 : 2 حيث يقول إن الذين ظهروا له كانوا ملائكة ؟
الـــــرد عليه :
ورد
في التكوين 18 أن ثلاثة رجال زاروا إبراهيم ، هم ملائكة ظهروا له بشكل رجال , وقد توجَّه
اثنان منهم إلى سدوم وعمورة لتوقيع عقوبة الدمار على المدينتين .
أما أولهم وقائدهم المتقدم في الكلام فقد كان
صاحب مكان متميّز ، سجد له إبراهيم وقال له : يا سيد (تك 18: 2 و3) وعرف أن سارة قد
ضحكت في باطنها (تك 18: 12) , وله رفع إبراهيم طلبة العفو عن سدوم وعمورة ، قائلًا
: شرعت أكلّم المولى (تك 18: 27) ,
فرواية التكوين توضح أن الرب السيد و المولى
الذي سجد له إبراهيم , ورواية العبرانيين تتحدث عن ظهورهم في شكل ملائكة , وكلاهما
صحيح .
ســـؤال 33 :
في تكوين 18 : 21 يقول الرب أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ ، وإلا فأعلم , كيف لا يعلم الله إلا إذا نزل ؟ !
الـــــرد عليه :
الحديث
عن الله باللغة التي تُستعمل عند الإنسان كثير في الكتب المقدسة لتقريب الفكرة للناس
, فقد اقترب الله من شعبه ليسمع صراخهم , والحديث بالطبع مجازي ، فالله عالم بكل شيء
ويدير الكون كله بقدرته التي لا ستوجد كلمات بشرية قادرة على وصفها , ( راجع تعليقنا
على تكوين 6: 6 و7 و11: 5 ) .
ســـؤال 34 :
تزوج الأخوة بالأخوات في عهد آدم ، وسارة زوجة إبراهيم كانت أخته كما في تكوين 20: 12 , هي أختي ابنة أبي ، غير أنها ليست ابنة أمي ، فصارت لي زوجة , وهو محرم كما في لاويين 18 : 9 و 20 : 17 وتثنية 27 : 22 فحدث نسخ , اللاويين نسخ التكوين ؟
الـــــرد عليه :
روى
موسى حوادث حدثت قبل الوحي بنزول الشريعة ، فروى أن إبراهيم اقترن بأخته من غير أمه,
ولكن موسى لم يأت بشريعة تسمح بزواج الأخت من غير الأم ثم نسخها,
ثم أنه لم يوحَ لآدم ولا لإبراهيم شريعة بجواز
زواج الأخت الغير الشقيقة ثم حرمها في شريعة موسى ، وإنما هذا الزواج كان من العادات
التي اصطلح عليها القدماء قبل شريعة موسى , وعلى كل حال فلا يوجد ناسخ ولا منسوخ .
ســـؤال 35 :
جاء في تكوين 22 : 1 وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم , فقال الله يا إبراهيم فقال , ها أنا ذا , ولكن جاء في يعقوب 1: 13 لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب : إني أُجرَّب من قِبَل الله ، لأن الله غير مُجرَّب بالشرور وهو لا يجرب أحداً , كيف يجرب ، وكيف لا يجرب ؟ !
الـــــرد عليه :
(1)
يجرب لها معنيان : صالح ورديء , فمعناها الصالح عندما تفيد امتحان الإنسان أو فحصه
بحيث تظهر نيَّات قلبه حتى يستدل الناس ببرهان عملي على حقيقة أخلاقه , أما معناها
الرديء فعندما تفيد إغواء الإنسان وإسقاطه في الشر
لإهلاكه , وعليه فكل الضيقات التي يسمح الله
بوقوعها علينا يمكن أن نسمّيها امتحانات وتجارب يُقصد بها خيرنا ، فيليق بنا والحال
هذه أن نرحب بها ونقبلها , ويعقوب الذي يقول إن الله لا يجرب أحداً ، يقول في فاتحة
رسالته : احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة ، عالمين أن امتحان إيمانكم
ينشيء صبراً (يعقوب 1: 2 ، 3) , فمن هذا النوع كانت تجربة الله لإبراهيم ، فبرهنت صدق
وشدة إيمانه .
(2) أما المعنى الآخر للتجربة فهو مساعي الشيطان
المستترة التي يقصد بها إيقاع الأذى روحياً على الناس فيعقوب بقوله إن الله لا يجرّب
أحداً يقصد نوع التجربة السيء ، أي جرّ الإنسان إلى الشر لجلب الشقاء عليه , فتجارب
كهذه لا يمكن طبعاً أن تصدر من الله ، الذي علّمنا أن نتلو الطلبة السادسة من الصلاة
الربانية : لا تدخلنا في تجربة , قد أساء البعض فهم هذه الطلبة ظانين أنها تفيد أن
الله يأتي بالتجارب على أولاده ، بينما هي في الواقع لا تفيد هذا مطلقاً ، ومعناها
الحقيقي التوسل إلى الله أن يقودنا بحيث يفشل أعداؤنا الروحيون في مساعيهم التي يقصدون
بها جذبنا إلى الخطية , فنقول : ارشدنا يا الله وقُدْنا حتى لا يجد الشيطان سبيلًا
إلى وضع عثرة في طريقنا , فهذه الطلبة السادسة تشرح قول يعقوب إن الله لا يجرب أحداً
.
إن شاء الرب و عشنا نستكمل الباقي فى حلقات لاحقا ........