قسم اللاهوتيات ( لاهوت دفاعـي )
ماهي الغنوسية وما أشكالها ..... ؟
والرد عليها من الكتاب المقدس وأقوال الآباء
أولا : ماهي الغنوسية ؟
هي بدعة تقر بأن خلاص الإنسان يأتي عن طريق المعرفة ، فغنوسيس
gnosis أي معرفة ، والغنوسيون يعتقدون أنهم أصحاب
المعرفة دون غيرهم وبالمعرفة يعرف الإنسان
أصوله ، ويعرف من هو، ويعرف كيف يخلص .
وهي
عدة مذاهب جمعت بين المسيحية واليهودية والوثنية
والأفكار الفلسفية الهيلينية و تنظر للمادة على أنها شر ونجاسة وخطية ، والإله العظيم
منزَّه عن الاتصال بالمادة لإنه غير مرئي وغير معروف وسامي وبعيد جدا عن العالم ، ولما
جاء المسيح الإله إلى العالم من عند هذا الإله السامي ، وباعتباره إله تام لم
يأخذ جسدًا حقيقيًّا من المادة التي هي شر لكي لا يفسد كمال لاهوته ، ولكنه جاء في
شبه جسد ، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر للجسد ، ظهر في
شبه جسد، ظهر كإنسان ، بدا كإنسان ، وبالتالي ظهر للناس وكأنه يأكل ويشرب ويتعب ويتألم
ويموت ، " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّهَ لهم " لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات البشرية.
بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه .
ثانيا : ماهي أشكال بدعة الغنوسية ؟
أ - الغنوسية ب - الدوسيتية ج - المانوية
أ - الغنوسية :-
هي بدعة تقر بأن خلاص الإنسان يأتي عن طريق المعرفة
، فغنوسيس gnosis أي معرفة ، والغنوسيون هم أصحاب
المعرفة دون غيرهم وبالمعرفة يعرف الإنسان
أصوله ، ويعرف من هو، ويعرف كيف يخلص .
ب - الدوسيتية :-
معناها
الذي يعني "يبدو - to seem"،
"يظهر"، "يُرى"، وتعني الخيالية Phantomism
، وهي هرطقة ظهرت في القرن الأول ، في عصر رسل المسيح وتلاميذه ،
وقد جاءت من خارج المسيحية ، وبعيدًا عن الإعلان الإلهي ، وخلطت بين الفكر الفلسفي
اليوناني ، الوثني ، والمسيحية وقد بنت أفكارها على أساس أن المادة شر، وعلى أساس التضاد
بين الروح وبين المادة التي هي شر، في نظرها ، ونادت بأن الخلاص يتم بالتحرر من عبودية
وقيود المادة والعودة إلى الروح الخالص للروح السامي ، وقالت أن الله ، غير مرئي وغير
معروف وسامي وبعيد جدا عن العالم ، ولما جاء المسيح الإله إلى العالم من عند هذا الإله
السامي ومنه ، وباعتباره إله تام لم يأخذ جسدًا حقيقيًّا من المادة التي هي شر لكي
لا يفسد كمال لاهوته ، ولكنه جاء في شبه جسد ، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر
للجسد ، بدا في شبه جسد، ظهر في شبه جسد ،، ظهر كإنسان ، بدا كإنسان ، وبالتالي ظهر
للناس وكأنه يأكل ويشرب ويتعب ويتألم ويموت ، لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات
البشرية .
بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه
بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه
ولم
يكونوا مجرد جماعة واحدة بل عدة جماعات ، فقال بعضهم :
1 - أن الأيون Aeon
، إي الإله ، المسيح ، جاء في شبه جسد حقيقي .
2 - وأنكر بعضهم اتخاذ أي جسد أو نوع من البشرية
على الإطلاق . أي كان روحًا إلهيًا وليس إنسانًا فيزيقيًا
3 - وقال غيرهم أنه اتخذ جسدا نفسيا Psychic
، عقليًّا ، وليس ماديًّا .
4 - وقال البعض أنه اتخذ جسدًا نجميًا Sidereal
.
5 - وقال آخرون أنه اتخذ جسدا ولكنه لم يولد
حقيقة من امرأة .
وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة
، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا
ج - المانوية :-
أما المانوية فإنها تعد الشكل الأخير للغنوسية
، والأشد خطورة ، ونادى ماني بثنائية تتكون من عالم النور وعلى رأسه الإله الطيب مع
ملائكته ، وعالم الظلمة والمادة على رأسه القوى الوحشية التي لا يمكن السيطرة عليها
أي إبليس ، والإنسان نفسه جزء من عالم الظلمة وجسمه جزء من المادة الشريرة ، وأدعى
أن المسيح هو ابن الإنسان الأول ، وهو روح الشمس لأنه يسكن في الشمس بقوته وفي القمر
بحكمته .
ورد البابا أثناسيوس على المانويين قائلًا
"الذي يقول أن جسد الرب نزل من السماء وليس هو من مريم العذراء ، أو أنه استحال
اللاهوت إلى الناسوت ، أو اختلط معه أو تغير، أو أن لاهوت الابن تألم ، أو أن الجسد
الذي للرب غير مسجود له كأنه جسد إنسان فقط ، ولا يقول أنه مسجود له لأنه جسد الرب
الإله ، فهذا الكنيسة المقدسة تحرمه"
الرد على الغنوسية و أشكالها من الكتاب المقدس
أولا : ( الرد على بدعة الدوسيتية أو جسد المسيح الخيالي لأن المادة شر )
من أنجيل معلمنا يوحنا البشير
* و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده
مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا * يو 1 : 14
* و
بعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا و توما معهم فجاء يسوع و الابواب مغلقة و وقف
في الوسط و قال سلام لكم * ثم قال لتوما هات
اصبعك الى هنا و ابصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا * يو
20 : 26 , 27
من رسالة معلمنا يوحنا البشير
* الذي
كان من البدء الذي سمعناه الذي رايناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته ايدينا من جهة
كلمة الحياة * فان الحياة اظهرت و قد راينا
و نشهد و نخبركم بالحياة الابدية التي كانت عند الاب و اظهرت لنا * الذي رايناه و سمعناه نخبركم به لكي يكون لكم ايضا
شركة معنا و اما شركتنا نحن فهي مع الاب و مع ابنه يسوع المسيح * (1يو 1: 1- 3 )
* بهذا
تعرفون روح الله كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله * و كل
روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله و هذا هو روح ضد المسيح
الذي سمعتم انه ياتي و الان هو في العالم * (1 يو 4: 2، 3)
وأكد أن كل من ينكر التجسد فهو ليس من الله
" كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله .
* لانه
قد دخل الى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح اتيا في الجسد هذا هو المضل
و الضد للمسيح * (2يو 7) مشيرا للغنوسيين بهذه الآية .
من رسالة بولس الرسول الأولى الي أهل كورنثوس
* لانه
و ان وجد ما يسمى الهة سواء كان في السماء او على الارض كما يوجد الهة كثيرون و ارباب
كثيرون * لكن لنا اله واحد الاب الذي منه جميع
الاشياء و نحن له و رب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الاشياء و نحن به * (1كو 8: 5 , 6)
معلمنا بولس الرسول يؤكد أن كل الأشياء هي من
الله الآب بما فيها المادة واستخدمت الكنيسة
المادة في الأسرار المقدسة، فاستخدمت الماء في سر المعمودية ، والزيت في أسرار الميرون
ومسحة المرضى والزيجة ، وعصير الكرم والحنطة في سر الافخارستيا ، وتصلي الكنيسة من
أجل الأمور الروحية والمادية أيضًا .
و ايضا من رسالة بولس الرسول الأولى الي أهل كورنثوس ( 15 )
* و
اعرفكم ايها الاخوة بالانجيل الذي بشرتكم به و قبلتموه و تقومون فيه * و به ايضا تخلصون ان كنتم تذكرون اي كلام بشرتكم
به الا اذا كنتم قد امنتم عبث ا* فانني سلمت
اليكم في الاول ما قبلته انا ايضا ان المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب * و انه دفن و انه قام في اليوم الثالث حسب الكتب
* و انه ظهر لصفا ثم للاثني عشر* و بعد ذلك ظهر دفعة واحدة لاكثر من خمس مئة اخ اكثرهم
باق الى الان و لكن بعضهم قد رقدوا * و بعد
ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين * و اخر الكل
كانه للسقط ظهر لي انا * لاني اصغر الرسل
انا الذي لست اهلا لان ادعى رسولا لاني اضطهدت كنيسة الله * و لكن بنعمة الله انا ما انا و نعمته المعطاة لي
لم تكن باطلة بل انا تعبت اكثر منهم جميعهم و لكن لا انا بل نعمة الله التي معي * فسواء انا ام اولئك هكذا نكرز و هكذا امنتم * و لكن ان كان المسيح يكرز به انه قام من الاموات
فكيف يقول قوم بينكم ان ليس قيامة اموات * فان لم تكن قيامة اموات فلا يكون المسيح قد قام
* و ان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا
و باطل ايضا ايمانكم * و نوجد نحن ايضا شهود زور لله لاننا شهدنا من جهة
الله انه اقام المسيح و هو لم يقمه ان كان الموتى لا يقومون * لانه ان كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد
قام * و ان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم
انتم بعد في خطاياكم * اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكو ا* ان كان
لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا اشقى جميع الناس * و لكن الان قد قام المسيح من الاموات و صار باكورة
الراقدين * فانه اذ الموت بانسان بانسان ايضا
قيامة الاموات * لانه كما في ادم يموت الجميع
هكذا في المسيح سيحيا الجميع * و لكن كل واحد في رتبته المسيح باكورة ثم الذين للمسيح
في مجيئه * 1كو 15 : 1-23
من رسالة بولس الرسول الى كولوس
* الذي
هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة * (كو 1: 15)
* لانه
فيه سر ان يحل كل الملء * و ان يصالح به الكل
لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الارض ام ما في السماوات * و انتم الذين كنتم قبلا اجنبيين و اعداء في الفكر
في الاعمال الشريرة قد صالحكم الان * في جسم
بشريته بالموت ليحضركم قديسين و بلا لوم و لا شكوى امامه * ( كو
1 : 19 - 22 )
* فانه فيه حلَّ كل ملء اللاهوت جسديًا * (كو 2: 9)
عندما
انتشرت بعض الأفكار الغنوسية في كنيسة كولوسي ركز بولس الرسول في رسالته إليهم على
كل من الطبيعة الإلهية والناسوتية للسيد المسيح فأكد على حقيقة اللاهوت عندما قال عن
المسيح أنه هو صورة الله غير المنظور
ثانيا : ( الرد على بدعة أن خلاص الإنسان يأتي عن طريق المعرفة )
الآيـــات :
* لكي
تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة لكل غنى يقين الفهم لمعرفة سر الله الاب و المسيح * المذخر
فيه جميع كنوز الحكمة و العلم * كو 2 : 2 , 3
التفسير :
لكي تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة = (يو14 : 16 ، 26) + (يو26:15) .
والروح القدس يقرن بين قلوبنا بالمحبة ، فهو يربط أعضاء جسد المسيح الذين هم نحن بمفاصل
آية 19 والمفاصل هى المحبة .
وإستعمل الرسول كلمة إقتران إشارة لقوة رباطات المحبة بيننا .
ومن يتجاوب مع الروح القدس ويحب الإخوة يملأه الروح القدس من تعزياته .
ولاحظ أن التعزية
الحقيقية التى يعطيها الروح تُختبر بالأكثر وسط الضيقات ، والمحبة الحقيقية للناس تُعرف
فى إستمرارها حتى لمن يسيئون إلينا .
لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ الْفَهْمِ = أى لن نصل
إلى الفهم الأكيد للأسرار الإلهية بدون محبة وهذا ما فهمناه من (أف 3: 19،18) .
فكيف
ندخل بيت الملك ونطلع على أسراره دون أن يدعونا هو لذلك، وكيف يدعونا إن لم يكن هناك
محبة ؟
لِكُلِّ = تعنى لبلوغ المعرفة العملية أو الإختباريه وهذه تكون بتنفيذ
الوصايا فنعرف المسيح. (مت7 : 24 – 27) .
وهنا نرى العلاقة بين السلوك الروحى وحصولنا
على المعرفة الروحية.
من يطيع الوصايا سيعرف المسيح عن إختبار .
يقين
الفهم أى الفهم الكامل الصحيح ، ومن له هذا الفهم وعرف المسيح سيكتشف بسهولة ضلال الهرطقات .
والروح القدس هو الذى يعلم ويذكر ، ومن يمتلىء
منه ، يملأه الروح من المحبة .
وهنا الرسول يريد لهم أن يفهموا أنه لا الفلسفة ولا التهوُّد
سيعطيانهم شيئاً .
بل أن البر سيكون لهم بالمسيح، والمعرفة ستكون بالمسيح ، والحكمة ستكون
بالمسيح الذى يعطى لكنيسته كل شىء ، فهو المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة .
لِمَعْرِفَةِ
سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ = الرسول يصلى حتى يفتح الله قلوبهم ويفهموا سر الآب
والمسيح ، أى العلاقة بين الآب والمسيح .
فالآب فى الإبن والإبن فى الآب ( يو
9:14-11 ) .
وأن الإبن مولود أزلي من الآب كشعاع نور مولود من الشمس ، هو يعلن لنا الآب
الذى لا نستطيع أن ندركه . وأن الآب هو نبع للمحبة ، وإشعاعات الحب الإلهى تنبعث من الآب
لتصب فى الإبن المحبوب بالروح القدس . وأن يفهموا أننا بتجسد المسيح دخلنا فى هذه الدائرة
الإلهية، فبإتحادنا بالإبن صرنا أبناء ، وأصبح الروح القدس يسكب المحبة الإلهية فينا
( رو5:5 ) هذه هى مقاصد الله الأزلية فى المسيح من جهة الكنيسة أى فداء المسيح الذى به
جعل الكنيسة جسده ، فحصلت الكنيسة على البنوة ، وبالتالى صار لها مجد المسيح .
الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ
وَالْعِلْمِ = المسيح هو أقنوم الحكمة ويحوى كل حكمة ومذخر فيه ، أى يستتر فيه حكمة
خفية عن الأنظار .
وقوله كنوز يعنى أنها شئ قيِّم جداً لايقدر بثمن وأنها لن تفرغ أبداً
وأنها عظيمة الفائدة .
فهو مصدر كل حكمة .
وهذا رد على الغنوسيين الذين يقولون أن المعرفة
تأتى من الفلسفة والعقل والبحث، بل تصوروا أن معرفتهم وحكمتهم البشرية يمكن أن تفوق
المسيح نفسه ، لذلك يشرح لهم الرسول أن المسيح فيه كل حكمة ، وأى حكمة خارجة عن المسيح
ما هى إلاّ ضلال كما أضلت الحية حواء .
والمسيح يعطى حكمته لمن يشاء من المؤمنين ( لكل
من هو ثابت فيه ومتحد معه ) وليس لمن يعتمد على حكمته البشرية.
ويعطيها للبسطاء ( مت25:11 ) .
وبالتالى لا توجد حكمة أعلى من حكمة المسيح .
وكما سنرى فى (الآيات9 ، 10) أن المسيح
حل فيه كل ملء اللاهوت ليصير بإتحادنا به مصدرا لكل ما نحتاج إليه من حكمة ومعرفة حقيقية
وحياة أبدية كما سنرى .