قسم اللاهوتيات ( اللاهوت العقيدي ) التجسد الإلهي في فكر البابا أثناسيوس
السؤال الاول : ما معنى التجسد الإلهى ؟
الله أخلى ذاته بمعنى أن التجسد الإلهى
يعنى أن الله وهو ملك الملوك ورب الأرباب ، أخلى ذاته من صورة المجد
، وأخذ جسداً إنسانيا بنفس عاقلة ،
وفى هذا يقول القديس بولس الرسول »
أَخْلَى نَفْسَهُ ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ
والتجسد الإلهى يعنى أيضا أن الله غير
المنظور ، أخذ جسداً وظهر به للناس ( عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي
الْجَسَدِ )
وعبارة ظهر فى الجسد لا تعنى أن التجسد
مجرد ظهور ، بل تعنى أن الله أخذ جسداً حقيقيا وظهر به بين النا س وهنا
يجب أن نفرق بين التجسد والظهور,,
التجسد يشمل الظهور والتجسد أما الظهور
فهو ظهور فقط بدون تجسد ، مثل ظهورات الله فى العهد القد يم الله
أخذ جسداً حقيقيا وحل بيننا
إذن فالتجسد الإلهى يعنى أن الله أخذ
جسداً حقيقيا وحل بيننا ورأيناه، وفى هذا الكلمة ابن الله صَارَ جَسَدًا وَحَل
بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا
مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ
الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا كما يقول القديس يوحنا » أخذ جسداً «
لا تعنى الصيرورة أو التحول بل هى تعنى أخذ جسدا
«كما يقول الرسول يوحنا »
الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ
بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا
وأقنوم الابن لم يتجسد فقط ، بل تجسد
وتأنس ، أى أخذ جسداً إنسانيا وطبيعة بشرية كاملة الله اشترك فى اللحم والد
م الذى للبشر .
فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي
اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ
« يقول القديس بولس الرسول
أَيْضًا
كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ،
أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ اولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ
كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ
الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ
يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وهكذا يؤكد القديس بولس على أن المسيح أخذ جسداً
حقيقيا من لحم ودم ، جسد إنسان ، وليس جسد ملائكة ، لأن المسيح
جاء ليخلص وينقذ البشر وليس الملائكة , لأَنَّ
نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ ( واللحم والدم يشيران إلى الجسد والنفس )
يقول القديس إيريناؤس
” إن غير المنظو
ر صار منظور اً ، وغير المدرك صار مدركا ، وغير المتألم صار تحت الآلام
، والكلمة صار إنسانا “
ويقول أيضاً :
إن غير المحوى وغير المدرك
وغير المرئى ، جعل نفسه مرئيا ومُدركا
ويقول القديس غريغوريوس النزينزى “
وأن
ا أيضا أعلن قوة هذا اليوم يوم ميلاد المسيح لأ ن فيه غير الجسدى يتجسد
، والكلمة يتجسم ، غيرالمنظو ر يصير منظور اً ، وغير المحسوس يصير ملموسا ، غير الزمنى
يبتدئ ، ابن الله يصير ابنا للإنسان .
ويقول القديس كيرلس الكبير
"كلمة الله الوحيد
إذ نز ل لأجل خلاصنا وتنازل إلى إخلاء نفسه ، فإنه تجسد وتأنس ، أى أخذ
جسد اً من العذراء القديسة وجعله خاصا به من الرحم واحتمل الولاده مثلنا
، وجاء كإنسان من امرأة دون أن يفقد ما كان عليه ، ولكن رغم إنه وُلد متخذ
اً لحما ودم ا فإنه ظل كما كان ، أ ى أنه من الواضح أنه الله بالطبيعة والحق
"
ويؤكد هنا القديس كيرلس ، على أن التجسد يعنى ، أن ابن
الله الكلمة أخذ جسداً من العذراء القديسة مريم ، وُولد مثلنا
، وذلك دون أن يفقد ما كان عليه .
السؤال الثانى : ما السبب الرئيسى للتجسد الإلهى ؟
السبب الرئيسى للتجسد الإلهى هو خلاص
الإنسان ، ويتلخص خلاص الإنسان فىنقطتين أساسيتين :* فداء الإنسان من حكم الموت .* إصلاح طبيعة الإنسان التى تشوهت .الأساس اللاهوتى لأن يكون المخلص والفادى
هو الله نفسه
خلقة
الإنسان :-
خلق الله الإنسان بعد أن أعد له كل شئ
، ولم يجعله معوزاً لشئ من أعمال كرامته، وكان الإنسان متميزاً عن سائر المخلوقات فى
طريقة خلقته ، وأيضا فى طبيعته متميز اً فى طريقة خلقته و الكائن الوحيد الذى ذُكر عند خلقته أن الله نفخ
فيه وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِله آدَمَ تُرَا
با مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَة حَيَاةٍ فَصَا ر آدَمُ نَفْسًا حَيَّة متميزاً
فى طبيعته فهو الكائن الوحيد الذى ذُكر عنه أنه خُلق على صورة الله وَقَالَ
اللهُ نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا
سقوط الإنسان :-
« ووضع الله الإنسان فى جنة عدن ليعملها
ويحفظها ، وأعطاه وصية مِنْ جَمِيع شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ
مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ
مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ ، ولكن الإنسان تعدى وصية الله واستهان
بها »
وانجذب لاغراءات الشيطان ، ونظرت حواء
للشجرة المنهى عنها فوجدت أن الثمرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون ، فأخذت من ثمرها
وأكلت وأعطت زوجها
أيضا معها فأكل فانفتحت أعينهما كنتائج
خطية آدم وحواء صار حكم الموت بأنواعه على الإنسان : يَوْمَ
تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ « لقد كان
التحذير واضحا» لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ
« بولس يوضح هذا الأمر أيضا فيقول المقصود بالموت هنا :-
الموت الجسدى : انفصال الروح عن الجسد
الموت الأدبى : فقد الإنسان لمركزه كابن لله
الموت الروحى : انفصال الإنسان عن الله
الموت الأبدى : الحكم بهلاك الإنسان إلى الأبد
تشوهت الطبيعة البشرية, تشوهت الصورة
المقدسة التى خُلق عليها الإنسان ، ودخلت الشهوة إلى الطبيعة البشرية
والميل إلى الخطية ، وبذلك فسدت طبيعة الإنسان وعرفت الخطية والشهوة
والتعدى والعصيان فقدَ الإنسان سلطانه على الطبيعة فقدَ
الإنسان سلطانه على الطبيعة ، فتمردت عليه ، وهو الذى كان سيداً عليها من قبل ،
فصارت الأرض تنبت له شوكا وحسكا تك وصار يخاف
الوحوش التى كانت قبلاً خاضعة له , طُرد
الإنسان من الجنة وسقطت معه أخرج الله الإنسان من الجنة ، حتى لا
يأكل من شجرة الحياة ، فيحيا إلى الأبد بهذه الطبيعة
الفاسدة وهكذا سقط آدم ، وسقطت معه البشرية كلها التى كانت فى صلبه
يوم أن أخطأ ويوم أن طُرد من الجنة .
والآن بعد سقوط الإنسان هناك عدة احتمالات :
1- إما أن يترك الله الإنسان ليموت ويفنى إلى الأبد وهذا
ضد محبة الله ورحمته ، كما أن هذا انتصار لمملكة الشيطان على الله وعلى مقاصده فى خلقة
الإنسان إذن لايمكن أن يفعل الله ذلك .2- أو أن يسامح الله الإنسان ويغفر له وهذا ضد عدل الله
وقداسته ، كما أن هذه المغفرة لن تجدد طبيعة الإنسان التى فسدت بالتعدى والعصيان إذن
لا يمكن أيضا أن يفعل الله ذلك .3- أو أن نجد من يفدى الإنسان ويموت عنه شخص يموت نيابة
عنه وبذلك يفديه من الموت ، وفى الوقت نفسه يعيد إصلاح طبيعة الإنسان التى تشوهت ولكن
لابد من
مواصفات محددة وشروط خاصة لهذا الفادى والمخلص :-
• يجب أن يكون إنسانا لأن الذى أخطأ فى
حق الله كان إنساناً .
• يجب أن يكون غير محدود ، ليكفر عن خطايا
كل الناس فى كل الأزمنة والأمكنة .
• يجب أن يكون قدوسا بلا خطية , لأنه
إذا كان الفادى خاطئا فكيف يستطيع أن يفدى غيره ؟ أليس أعمى يقود أعمى يسقطان
كلاهما فى حفرة ؟ .
• يجب أن يقبل الموت بإرادته بإرادته
المطلقة يسلم نفسه للموت .
• يجب أن يكون حيا إلى الأبد ليشفع بدمه
فى الخطاة كل حين .
• يجب أن يكون خالقا ليعيد خلقة الإنسان
.
والآن من يكون هذا الفادى الذى تنطبق
عليه هذه الشروط جميعها ؟
1- سؤال هل يمكن أن يكون المخلص إنسانا ؟
لا يمكن أن يكون الفادى هو الإنسان نفسه
. لأن حكم الموت كان على البشرجميعا إذ أخط أ الجميع ، والكتاب يقول ( الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ )
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأنَمَا بِإِنْسَانٍ
وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا
اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأ الْجَمِيعُ
الإنسان الذى يحمل طبيعة فاسدة كيف ينقذ
البشرية من الفساد ؟ كقول الرب أَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لَيْسَ شَفِيعٌ
« وَطَلَبْتُ
مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا
وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ
كما أن الإنسان محدود ، ويشترط فى الفادى
أن يكون غير محدود إذن لا يمكن للإنسان أن يقوم بهذا الفداء .
2- سؤال هل يمكن أن يكون المخلص ملاكا أو رئيس ملائكة ؟
لا يمكن لملاك أو لرئيس ملائكة أن يقوم
بالفداء فالملاك ليس إنسانا ، والذى يموت ينبغى
أن يكون إنساناً
والملاك محدود ، وأيضا غير معصوم من الخطأ
، بدليل سقطة رئيس الملائكة فى القديم إذن لا يمكن لملاك أو لرئيس
ملائكة أن يفدى الإنسان .
3- سؤال هل يمكن أن يكون المخلص حيوانا بريئا ؟
لا يمكن للحيوان أن يفدى الإنسان
الشروط كلها لا تنطبق عليه ، فهو محدود
، وهو ليس إنسانا ، وهو لا يحيا إلى الأبد ، كما أنه ليست له إرادة حرة فلا
يمكن أن يقبل الموت بإرادته إذن لا يمكن للحيوان أن يفدى الإنسان .
إذن الحل الوحيد والأوحد هو أن يكون المخلص
والفادى هو الله بذاته نعم فهوالوحيد الذى تنطبق عليه الشروط جميعها .
*فهو الوحيد غير المحدود*وهو الوحيد الذى بلا خطية*وهو الحى إلى الأبد*وهو الوحيد الخالق
*ولكنه ليس إنسانا فالذى أخطأ هو الإنسان :
إذن الحل الوحيد هو أن يتجسد الله أى
يأخذ جسداً إنسانيا ، ويقبل فى هذا الجسد حكم الموت بدلاً من الإنسان وهذا هو الفكر
الذى يؤكده الكتا ب المقدس عبر كل أسفاره .
أدلة كتابية على تفرد الله وحده بمهمة فداء الإنسان وخلاصه :
• شهادة العهد القديم :
الرَّبُّ الصَّالِحُ يُكَفِّرُ عَنْ كُلِّ
مَنْ هَيَّأ قَلْبَهُ لِطَلَبِ اللَّه ( قال
حزقيا الملك التقى )
فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ
فَتَرَى حَيَاتِىَ النُّورَ ( أيوب )
الرَّبُّ فَادِي نُفُوسِ عَبِيدِهِ , إنمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ
الْهَاوِيَةِ , الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَ ةِ حَيَاتَكِ , يُكَلِّللُكِ بِالرَّحْمَةِ
وَالرَّأْفَةِ , إِلَهُ خَلاَصِي , مَعَاصِينَا أَنْتَ
تُكَفِّرُ عَنْهَا ( داود النبي )
فَادِينَا رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ ,
الرَّبَّ قَدْ فَدَى يَعْقُوب إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ لَيْسَ سِوَايَ ,ارْجِعْ إِلَيَّ
لأَنِي فَدَيْتُكَ (إشعياء النبي )
وَيُخَلِّصُهُمُ الرَّبُّ إِلَهُهُمْ
, وَأَجْمَعُهُمْ
لأَنِي قَدْ فَدَيْتُهُمْ ( زكريا النبي )
إلها سِوَاىَّ لَسْتَ تَعْرِفُ وَلاَ
مُخَلِِّصَ غَيْرِى ( هوشع النبى )
• شهادة العهد الجديد :
(
قالت العذراء مريم عن الله )
تُعَظِّم نُفْسِى الرَّبَّ وَتَبْتَهِجْ رُوحِى باللّه مُخَلِّصِى اي المخلص لها من الخطيئة .
وقال زكريا الكاهن عندما أعلن له الله
أن ابنه يوحنا سيعدَّ الطريق أمام المسيح
مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَا ئِيلَ
لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ
وقال القديس بولس الرسول عن الله :
يَفْدِ يَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ , بمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خلَّصَنَا , افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ
, يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ .
( وقال القديس بطرس الرسول عن الله )
الَّذِى مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا
( وقال القديس يهوذا عن الله ) الإله الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا
4 - سؤال كـيـف تـم فـــداء الإنسان ؟
أولا:
تجسد ابن الله الكلمة فى ملء الزمان :-
وفى ملء الزمان ، وبعد أن أعد الله الأذهان
بالنبوات والشخصيات والرموز
والذبائح لفكرة الفداء بالدم ، ولفكرة
الذبائح التى تُذبح بدلاً من الإنسان الخاطئ ، جاء أقنوم
الابن وتجسد من الروح القدس ومن العذراء مريم ، فولدت يسوع المسيح
ابن الله الكلمة بالحقيقة الذى شابهنا فى كل شىء ماعدا الخطية وحدها ،
باركت طبيعتى فيك « وهكذا أخذ الطبيعة
البشرية التى لنا وباركها » وهكذا جاء أقنوم الابن بذاته متجسداً
من أجل إتمام الفداء والخلاص للإنسان وكان لابد من التجسد ليكون له جسد قابلاً
للموت ، كما سبق أن أوضحنا من قبل .
ثانيا
المسيح أعلن أثناء خدمته أنه الفادى :-
+ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ
بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ « مت »
+ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّه الْعَالَمَ
حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَىْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ
تَكُونُ لَهُ
الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ « يو »
+ أَنَا هُوَ الرَّاعِى الصَّالِحُ وَالرَّاعِى الصَّالِحُ
يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ « يو »
+ وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِى عَنِ الْخِرَافِ
« يو »
كما أعلن السيد المسيح بوضوح أنه يبذل
جسده من أجل حياة العالم ، فقال
+ وَالْخُبْزُ الَّذِى أَنَا أُعْطِى
هُوَ جَسَدِى الَّذِى أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ « يو »
كما أعلن أيضا أنه يسفك دمه لمغفرة خطايا
الناس ، فقا ل :
+ هَذَا هُوَ دَمِى الَّذِى لِلْعَهْدِ
الْجَدِيدِ الَّذِى يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا « مت »
ثالثاا المسيح أعلن أثناء خدمته أنه المخلص :-
+ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ
لِكَيْ يُخَلِِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ «
مت »
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ
لِكَىْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ « لوقا »
وذكر السيد المسيح القول بمعنى مشابه
، فقال :
+لأَنى لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ
بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ « يو »
+ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ
لِيُهْلِكَ أَنْفسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّص « لوقا »
+ لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّه ابْنَهُ
إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ « يو »
وهنا يعلن السيد المسيح أنه لم يأتِ فى
مجيئه هذا ، ليدين العالم ، بل ليخلص العالم
رابعـا
الـــــفــــــــــــــــداء :-
نتيجة لخدمة السيد المسيح الفعالة ، التف
الشعب حوله ، مما أثار غضب اليهودوحقدهم ، فبدأوا يدبرون لقتله ، ولم يعرفوا أنهم بذلك
يتممون مشيئة الله فى إتمام الفداء ، فقبضوا عليه وحكموا عليه بالصلب
، فعروه وجلدوه وضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه ، وأخرجوه حاملاً
الصليب وسط التعييرات والاستهزاءات ، ثم سمروا يديه ورجليه
ورفعوه على الصليب فى الجلجثة .
قــــد
أكــــــمـــــــــــــــل :
وبعد أن احتمل السيد المسيح« أقنوم الابن
المتجسد » الآلام الشديدة والمتنوعة ، وأسلم الروح وفى وقت الساعة التاسعة صرخ بصوت عظيم وقال قَدْ
أُكْمِلَ . يوحنا
ولما أسلم يسوع الروح اقترب إبليس منه
ليقبض على روحه ويذهب بها إلى الجحيم كما هى عادته مع كل من
سبقوه ، وذلك ظنا منه أنه شخص عادى، حينئذ رفعه المسيح من الوسط مسمراً إياه بالصليب
وجرده من رئاسته وشهر
به جهاراً ظافراً به وذهب إلى الجحيم
وسبى سبيا وأطلق المقبوض عليهم فىقبضة الشيطان فى الجحيم ، وهكذا تم قهر الشيطان والانتصار
على مملكة الظلمة وهكذا قدم المسيح نفسه بإرادته ذبيحة
لأجلنا .
+ لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضا الْمَسِيحَ
قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا « كو »
قدم المسيح نفسه مرة واحدة وكان هو الذبيحة
وهو الكاهن أيضا بل رئيسا للكهنة
وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ
رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ بِدَمِ نَفْسِهِ ذبيحة نفسه دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ،
فَوَجَدَ فدَاءًا أَبَدِيِّاً « عب »
أقوال الآباء توضح الهدف الرئيسى للتجسد و هو الفداء :
عن هذا يقول القديس أثناسيوس الرسولى
فى كتاب تجسد الكلمة ، وفى الفصل الثامن :
وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسداً مماثلاً
لطبيعتنا ، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت ، فقد بذل جسده للموت عوضا
عن الجميع ، وقدَّمه للآب كل هذا فعله شفقة منه علينا ، وذلك ، أولاً لكى
يبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر ، إذ مات الكل فيه ، لأن سلطانه
قد أكمل فى جسد الرب ولا يعود ينشب أظفاره فى البشر الذين ناب عنهم ثانيا
لكى يعيد البشر إلى عدم الفساد بعد أن عادوا إلى الفساد ، ويحييهم من الموت
بجسده وبنعمة القيامة ، وينقذهم من الموت كإنقاذ القش من النار.
ويقول أيضا فى الفصل التاسع من نفس الكتاب ,,,
وإذ رأى الكلمة أن فساد البشرية لا يمكن
أن يبطل إلا بالموت كشرط لازم، وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة الموت لأنه غير
مائت ولأنه ابن الآب ، لهذا أخذ لنفسه جسداً قابلاً للموت حتى باتحاده بالكلمة
، الذى هو فوق الكل ، يكون جديراً أن
يموت نيابة عن الكل ، وحتى يبقى فى عدم
فساد بسبب الكلمة الذى أتى ليحل فيه ، وحتى يتحرر الجميع من الفساد ، فيما
بعد، بنعمة القيامة من الأموات وإذ قدم للموت ذلك الجسد ، الذى أخذه لنفسه ،
كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة فقد
رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم
، إذ قدم عوضا عنهم جسداً مماثلاً لأجسادهم .
ويقول القديس باسيليوس الكبير
اعلم إذن , السر من أجل ذلك جاء الله
فى الجسد ، لكى يقتل الموت المتخفى فى أعماقنا فقد ملك الموت حتى مجئ المسيح
، ولكن لما ظهرت نعمة الله المخلصة تى وأشرق شَمْسُ الْبِرِ
، ابتلع الموت إلى غلبة ؛ إذ لم يحتمل التواجد أمام الحياة
الحقيقية فيا لعمق صلاح الله ومحبته للبشر لماذا يتباحث الناس
فى كيفية مجئ الله بين البشر ، بينما كان